الأربعاء , 3 مارس 2021
عن القدس العربي
http://www.alquds.co.uk/?p=635044
مراكش – «القدس العربي»: آثرت مدينة مراكش المغربية الملقبة بالحمراء، أن تتزين بالأخضر بمناسبة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيرات المناخ الذي يبحث فيه العالم مجتمعا مصير الكوكب، بيئيا ومناخيا، في الحاضر والمستقبل.
مراكش الملقبة أيضا في المغرب بعروس الجنوب بدت في حلة بهية لتصير عروس البيئة في العالم. ففي شوارع المدينة بدت الحافلات مزينة بشعار «كوب 22»، وعلى جنباتها كتبت جملة معبرة عن ضرورة تغيير السلوك البيئي تجاه المناخ: «حان الوقت»، كما تزينت سيارات الأجرة أيضا بملصقات حملت شعار القمة التي احتضنتها قرية باب أغلي بالمدينة.
حدث دولي ببعد انساني تظل الفنون حاضرة فيه بقوة لما لها من أدوار في تربية وتوعية المتلقي. مراكش في مؤتمرها الدولي إذن لم تستقبل قادة العالم السياسيين فقط، بل كانت وجهة لكل المبدعين لرسم خارطة طريق لمصير كوكب الأرض ولو عبر ريشة الألوان.
مؤتمر دولي وعرض مسرحي
مسرحية بعنوان «كيوتو فوريفير 2» للمخرج فرديريك فيرير، عرضت مسرحية تحمل علامة (كوب 22) بدعم من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيرات المناخ الذي احتضنته مراكش على مدى اسبوعين، مسرحية تتخيل مؤتمرا تحضيريا يجري سنة 2022 في جزيرة موريس وهو اجتماع الفرصة الأخيرة قبل انعقاد قمة (كوب 28) الشهيرة بشانغاي التي يفترض أن تنقذ العالم. وسيؤدي فريق من ثمانية ممثلين دوليين يتحدثون ثماني لغات مختلفة دور المفاوضين وليس أمامهم سوى أسبوع فقط للاتفاق على نص مشترك ومحاولة إيجاد حل للأجيال القادمة ومستقبل الإنسانية.
المسرحية كوميديا مصيرية بجدية ساخرة وموثقة، حيث المناقشات مضحكة وهزلية، إلى جانب سمتها التفسيرية والتعليمية، حيث مزج المخرج في هذا المسرح المرآة بين الصرامة الصحافية والفكاهة، مع إثارة التساؤل لدى المشاهد حول سياسة التنمية التي ينبغي تنفيذها وطرح قضية المناخ في المستقبل.
وأبدع الكاتب والممثل والمخرج والجغرافي فريدريك فيرير، منذ عام 2004، عروضا انطلاقا من نصوصه المقترحة في دورات فنية مثل «دوريات الاحتباس» و«أطلس الأنثروبوسين». وغالبا ما جاءت هذه النصوص ثمرة عمل ميداني يخول له تثبيت رواياته انطلاقا من عمل وثائقي.
هذا العمل وغيره من الأعمال ياتي ليعزز فكرة دور الفنون في المصائر البشرية ومساهمتها في توضيح الكثير من المفاهيم للمتلقي وحرصها على تبني افكار انسانية تسهم في انقاذ العالم.
الرسم يساهم في التنوير المناخي
رسام تركي جذب أنظار المشاركين في كوب22 ، وهو يُرَاقصُ الريشة بألوانها المختلفة على سطح الماء، مشكلا بذلك لوحات فنية فريدة من نوعها أثارت إعجابهم. فن تشكيلي من نوع خاص، يطلق عليه الآبرو له أصول شرقية فارسية، يعتمد على الرسم على الماء بألوان خاصة، يتم رشها وتشكيلها على السطح، بحيث يمكن فيما بعد أخذ ذلك الرسم على ورق خاص.
يرتكز فن الآبرو، على الصبر والذوق العالي والأساليب الفنية الرائعة، ألوانه المستعملة كلها ذات منشأ طبيعي، حيث تستخرج من الصخور والنباتات. واعتبر شمس الدين ضياء دارلينغ، الرسام التركي على الماء، أن هذا الفن لديه جذور تعود إلى القرن الثامن، حيث كان يستخدم لتجليد الكتب، فقط كرسم على الجلد، مردفا في الوقت نفسه، أن هذا الفن معروف لدى اليونسكو بأنه فن تقليدي تركي .ومؤتمر المناخ أتاح له فرصة جيدة لتعريف الناس على الفنون التركية، وبان الفن رسالة تزاوج بين الجمال والاهتمام بالطبيعة والبيئة ككل.
الخط العربي في قلب المناخ
قدم الدكتور والخطاط محمد البندوري ورشة في فن الخط المغربي في قلب مؤتمر المناخ، وتحدث عن أوجه العلاقة بين المجال البيئي ومجال الخط المغربي بمختلف فروعه، واعتبر أن أول وسيلة للخط تكونت من مادة طبيعية هي سعف النخيل ثم الخيزران، ثم البوص ثم قصب السواقي والحطارات في المغرب، وركز على عود شجر الأركان الذي اتخذ منه المغاربة وسيلة للكتابة، واغتنم الفرصة ليشدد على الاعتناء بغابة الأركان تلك الغابة الطبيعية الفريدة في العالم.
وذكر أن هناك العديد من الشواهد المادية التي رامت المجال البيئي ودونت بالخط المغربي. وأبرز مقومات الخط المغربي الصحراوي الذي شكل علاقات تجاورية مع البيئة المغربية اعتبارا لنقاء الصحراء وجمال كثبانها وصفاء سمائها، حيث كتبت العديد من التدوينات بهذا الخصوص من طرف الكتاب والأدباء والشعراء بالخط المغربي الصحراوي الذي شكل أداة خصبة لتيسير العلاقة بين البيئة الصحراوية المغربية وبين مختلف المثقفين المغاربة.
نجوم الكرة المستديرة ضيوف شرف المؤتمر
وفد كبير من نجوم كرة القدم الدولية مثل اللاعب المحترف السابق أبيدي بيلي زاروا قرية مؤتمر الأطراف كوب 22 في «باب أغلي». وعبروا خلال هذه الزيارة عن دعمهم غير المشروط لقضية المناخ ومحاربة التغيرات المناخية، قبل مواصلة زيارتهم لباقي مرافق المنطقة الزرقاء.
وأكد النجم أبيدي بيلي أن للرياضيين دورا مهما في دعم قضايا نبيلة مثل محاربة آثار التغيرات المناخية، مشيرا إلى المجهودات الكبيرة التي يبذلها المغرب بتنظيمه لحدث بهذا الحجم. ويرى الحارس السابق لمنتخب كولومبيا ريني هيكيتا، أهمية التحام واتحاد البشرية ككل للعمل ضد هذه الآفة التي تمس جميع بلدان العالم.
احتجاجات الناشطين بعد انتخاب الرئيس ترامب
نظم ناشطون بيئيون أمريكيون، يحضرون مؤتمر التغيرات المناخية وقفة احتجاجة ضد مواقف الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، حيال قضايا المناخ، ودعوه إلى العمل من أجل عدالة مناخية. إذ سبق لترامب أن أعلن خلال حملته الانتخابية، أنه إذا ما أصبح رئيساً للولايات المتحدة، فإنه سيرفض اتفاق باريس حول المناخ، وهو اتفاق عالمي تفاوضت عليه 200 حكومة في العالم لمحاربة التغير المناخي، كما وصف اتفاقية التغير المناخي بـ «الخدعة».
وطالب الناشطون الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين، بالالتزام بالاتفاقيات الدولية والعمل مع المجتمع الدولي لإقرار عدالة مناخية في كوكب الأرض. وخيم فوز ترامب بالرئاسة، خاصة أن النشطاء البيئيين الحاضرين كانوا يتوقعون فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، المعروف عنها دعمها اتفاق المناخ «كوب 21» بباريس، وأيضاً «كوب 22» في مراكش.
وعبر الناشطون البيئيون الذين نظموا الوقفة الاحتجاجية ضد مواقف ترامب، عن رفضهم وعد الرئيس الأمريكي الجديد بالانسحاب من اتفاقية المناخ، لأن ذلك يعتبر «تراجعاً عن التزامات الولايات المتحدة بخصوص قضايا المناخ في العالم»، وأن ترامب لا يحق له التراجع عما اتفق عليه العالم. كما قامت عشرات النساء من مختلف الجنسيات، منددات بالميز العنصري الذي يمارس في حق المرأة في بعض الدول . وطالبت النساء، بإشراكهن لايصال أصواتهن إلى مسؤولي الدول، وكذا انخراطهن في القرارات والمفاوضات الأممية بشأن التغييرات المناخية.
النجم السينمائي دي كابريو بطل المناخ
موازاة مع مؤتمر مراكش أعمال كبيرة صارت تظهر تبحث في مناخ الأرض، ومن أهم الأفلام التسجيلية التي ظهرت هذا العام فيلم «قبل الطوفان»، الذي أنتجه النجم «ليوناردو دي كابريو»، وأخرجه المخرج الأمريكي «فيشر ستيفنز».
وترجع أهمية الفيلم إلى جوانب عدة، منها خطورة الموضوع الذي يتناوله: تلوث البيئة، أي ارتفاع درجة حرارة الأرض الأمر الذي يؤثر على الزراعة، ويهدد على المدى القريب بوقوع كوارث إنسانية هائلة أولها المجاعات. ثم وجود شخصية كاريزمية لنجم سينمائي كبير هو ليوناردو دي كابريو، الذي يعتبر المحور الأساسي للفيلم، فهو ينتقل خلال ثلاث سنوات، من بلد إلى آخر، يلتقي المسؤولين والخبراء والنشطاء والأكاديميين والسياسيين، يتدخل بتوجيه التساؤلات، يناقش ويستجوب ويحاول الوصول إلى الحقيقة، ويدعو إلى اتخاذ موقفٍ، باعتباره سفير الأمم المتحدة لقضايا البيئة. ومن الجوانب البارزة في الفيلم البناء السينمائي المحكم وانتقالاته السلسة بين فصوله المختلفة التي تسبر أغوار الجوانب المتعددة للموضوع المطروح دون أن تغيب عن الفيلم وحدة الهدف في أي لحظة، ودون أن يستغرق الفيلم في مناقشات تشوبها المصطلحات التقنية، رغم الاستعانة بعدد من الخبراء والمتخصصين في قضايا البيئة وغيرها، فتدخل دي كابريو بالأسئلة والتعليق، يجعلهم يعرضون القضايا المعقدة ويتناولون ما يواجهه الكوكب الأرضي من تهديدات، في بساطة ووضوح دون أن يخل هذا بالموضوع أو يضرّ بالمادة المصورة.
ينتقل دي كابريو من أمريكا إلى الهند، ومن كندا إلى الصين وإندونيسيا، لكي يحاور المسؤولين والنشطاء في موضوع حماية البيئة. في أمريكا مثلا يلتقي بأستاذ في الاقتصاد في جامعة هارفارد، ويندهش عندما يجد الرجل، رغم انتمائه السياسي للحزب اليميني، يطالب بضرورة فرض ضرائب على استخدام المواد التي تؤدي إلى انبعاث الكربون.
وفي لقطة طريفة مأخوذة من برامج التلفزيون، يظهر الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب يقول إن حكاية التغير المناخي أكذوبة صينية، وإن هناك حاجة إلى ارتفاع في درجة حرارة الأرض.
المناخ إذن والبيئة تيمة الأعمال الابداعية عبر العالم، من رسم ومسرح وسينما وغيرها، مؤتمر مراكش الدولي للمناخ ليس سوى لحظة لاستثمار صيحة دولية للبحث في مصير العالم، مصير يظل من قادته ايضا مبدعون في كل فنون الحياة.
12 يناير، 2018
24 أبريل، 2016
23 أبريل، 2016
1 مارس، 2016